لقاح كورونا يبث الأمل فـي عام 2021
يودّعنا العام 2020 فاتحاً نافذة أمل جديدة، أمل بالعودة الى روتيننا وحياتنا الطبيعية مع بداية 2021 ، مع إعلان أكثر من شركة توصّلها الى تطوير لقاحات لمحاربة جائحة كوفـيد-19 التي غيّرت حياة البشرية.
يبدو أن الكثير من لقاحات كورونا باتت قاب قوسين أو أدنى من طرحها فـي الأسواق إذ منحت إدارة الغذاء والدواء الأميركية موافقة طارئة لاستخدام لقاح فـيروس كورونا، الذي طوّرته شركتا فايزر وبيونتيك.
ووفقاً لخبراء الأوبئة لا بدّ من تطعيم أكثر من 70 فـي المئة من الناس لوقف تفشّي الوباء. ومع بدء توزيع أول لقاحات كورونا وبانتظار لقاحات أخرى يُتوقع أن تحوز على الموافقة قريباً، ما رأيكم بجولة على أبرز هذه اللقحات وخطط توزيعها وهل سنتخلص فعلاً من الحجر الصحي مع بدايات 2021؟
«فايزر- بيونتيك»… أول اللقاحات المرخّصة على نطاق واسع
بعد أن أعطت بريطانيا الضوء الأخضر لاستخدام لقاح «فايزر- بيونتيك»، منحت إدارة الغذاء والدواء الأميركية موافقة طارئة كذلك لاستخدام لقاح فـيروس كورونا، الذي طوّرته شركتا فايزر وبيونتيك فـي الولايات المتحدة. وفـي حين يُتوقع أن يحصل اللقاح على موافقة مشروطة من وكالة الأدوية الأوروبية بحلول نهاية شهر ديسمبر، ما يجعل هذا اللقاح الأول المعتمد فـي هذه البلدان. كما انطلقت حملات تلقيح فـي بلدان عدّة منها ألمانيا وكندا، أما أبرز الدول العربية التي وصلها اللقاح فهي البحرين والمملكة العربية السعودية.
طوّر هذا اللقاح داخل مختبرات شركة بيونتيك الألمانية، وبالتعاون مع شركة الأدوية الأميركية العملاقة فايزر . ويستند اللقاح إلى تقنية الحامض النووي الريبي «إم آر إن إيه»(mRNA).
وتتولّى فايزر تنفـيذ وتمويل التجربة السريرية على لقاحها على 44 ألف شخص فـي الولايات المتحدة والبرازيل وجنوب أفريقيا وتركيا. ويشارك هؤلاء الأشخاص بصورة تطوعية، ويتلقى كل واحد منهم جرعتين تفصل بينهما ثلاثة أسابيع، ويخضعون لمتابعة دورية.
ارتفاع نسبة نجاح هذا اللقاح إلى 95 فـي المئة، جعل الولايات المتحدة وأوروبا وكندا بجانب اليابان وبريطانيا تتعاقد مع الشركة للحصول على ما يقرب من 1,3 مليار جرعة منه، وتعتزم الشركة إنتاج هذه الكمية فـي نهاية 2021.
ولكن من أبرز مشاكل هذا اللقاح، هو تطلبه للتخزين بدرجة 70 مئوية تحت الصفر، ويمكن تخزينه فـي الثلاجات لمدة خمسة أيام فقط، ما يمثّل صعوبة على بعض الدول فـي طريقة تخزينه عند الدرجة المطلوبة. ويبلغ سعر اللقاح حوالي 20 دولاراً للحقنة الواحدة.
الآثار الجانبية المعروفة … خطير على مرضى الحساسية
لم تُظهر التجارب السريرية لشركة «فايزر» أي آثار جانبية خطيرة. وفقًا لوثيقة إحاطة صادرة عن اللجنة الاستشارية للقاحات التابعة لإدارة الغذاء والدواء، كانت الآثار الجانبية الأكثر شيوعًا هي ردود الفعل عند نقطة الحقن على الجسم والإرهاق والصداع وآلام العضلات والقشعريرة وآلام المفاصل والحمى. حدثت تفاعلات ضارة شديدة عند أقل من 4,6 فـي المئة من المشاركين فـي التجربة وكانت أقل توترًا عند كبار السن مقارنة بالمشاركين الأصغر سنًا.
وقالت السلطات الصحية فـي المملكة المتحدة، إن الأشخاص الذين لديهم «تاريخ كبير من ردود الفعل التحسسية» يجب ألا يتلقّوا اللقاح. وجاءت النصيحة بعد أن «استجاب اثنان من العاملين فـي مجال الرعاية الصحية بشكل سلبي» بعد تلقيهم اللقاح. كما أنه لا يزال من غير الواضح مدى أمان اللقاح للمجموعات الأخرى ، مثل النساء الحوامل والأطفال دون سن 16 عامًا.
حساسية تجاه اللقاح
مع البدء بإعطاء اللقاح ظهرت أخبار عن معاناة أحد العاملين الصحيين فـي ولاية ألاسكا من حساسية تجاه هذا لقاح. وقالت متحدثة باسم شركة فايزر: «ليس لدينا بعد كل تفاصيل التقرير الوارد من ألاسكا حول ردود الفعل التحسسية الخطيرة المحتملة، لكننا نعمل بنشاط مع السلطات الصحية المحلية للتقييم».
وأضافت: «سنراقب عن كثب جميع التقارير التي تشير إلى ردود فعل تحسسية خطيرة بعد التطعيم»، مٌشيرة إلى أن «معلومات وصف الدواء تحتوي على تحذير/تنبيه واضح بأن العلاج الطبي والإشراف المناسبين يجب أن يكونا متاحين دائمًا».
وعالج الأطباء عاملة الصحة، وقالوا إنها فـي حالة مستقرة. وعندما أطلقت السلطات الصحية البريطانية اللقاح فـي وقت سابق من هذا الشهر، كان لدى اثنين على الأقل من المستفـيدين ردود فعل تحسسية لكنهم تعافوا بسرعة.
وقالت المتحدثة باسم فايزر: «بشكل عام، لم تكن هناك إشارات مثيرة للقلق تم تحديدها فـي تجاربنا السريرية، بما فـي ذلك عدم وجود إشارة لردود فعل تحسسية خطيرة مرتبطة باللقاح. ومع ذلك، فإن تقارير بردود فعل جانبية خارج الدراسات السريرية تعد مكونًا مهمًا للغاية لأنشطة التيقظ الدوائي، وسنراجع جميع المعلومات المتاحة حول هذه الحالة وجميع التقارير عن الوقائع السلبية بعد التطعيم».
شحن اللقاح مهمة شاقة
سيتم إرسال الشحنات الأولى من اللقاح من منشأة تابعة لشركة «فايزر» فـي كالامزو بولاية ميشيغان. وقالت كل من UPS وFedEx إنهما على استعداد للمساعدة فـي التوزيع بعد التفويض.
بعد ذلك سيتم نقل اللقاحات عبر البلاد، وقالت إدارة الطيران الفـيدرالية إن مراقبي الحركة الجوية سيعطون الأولوية للرحلات التي تحمل اللقاحات. ستشارك FedEx وUPS فـي نقل اللقاحات على الأرض، وتسليمها إلى المرافق حيث سيتم إعطاءها، مثل المستشفـيات ومرافق الرعاية طويلة الأجل. لكن يجب تخزين لقاح شركة «فايزر» فـي درجات حرارة شديدة البرودة، ما يجعل تقديم الخدمات اللوجستية أكثر تعقيدًا. لذا سيتم شحن اللقاح فـي حاويات خاصة معبأة بالثلج الجاف. عند الوصول إلى وجهتها، سيتم تخزين اللقاحات فـي مجمدات شديدة البرودة عند 70 درجة مئوية تحت الصفر.
تحدّي الإنتاج
تعتزم شركتا فايزر وبيونتيك إنتاج ما يصل إلى 1,3 مليار جرعة من اللقاح العام المقبل. وقد كشف الرئيس التنفـيذي لشركة بيونتيك الألمانية، أوجور شاهين، أنّ أكبر تحدّ يواجهها وشريكتها «فايزر» الأميركية، بعدما تمت إجازة لقاح كوفـيد-19 فـي الولايات المتحدة سيكون زيادة التصنيع لتلبية الطلب الضخم.
وقال شاهين، لوكالة «رويترز»، إنّه «علينا حل مشكلة التصنيع. من الواضح جدًا أن هناك حاجة لجرعات أكثر»، مضيفاً «نعالج هذه المسألة لكي ننتج جرعات أكثر».
وأشار شاهين إلى أنّه يتوقع أن تحصل الشركات على موافقة مشروطة من وكالة الأدوية الأوروبية بحلول نهاية ديسمبر، ويمكن أن تبدأ فـي طرح لقاح فـي الدول الأوروبية فـي أوائل العام المقبل.
ومن بين الطرق التي يأمل شاهين أن يزيد بها المعروض تقديم موعد الحصول على مصنع بيونتيك الذي تبلغ طاقته 750 مليون جرعة سنوياً، الذي تمّ شراؤه من شركة نوفارتيس فـي ماربورج بألمانيا. وقالت شركة بيونتيك إنها ستبدأ فـي صنع اللقاح هناك فـي النصف الأول من عام 2021. وأوضح شاهين أنهم يعملون على تطويره وتشغيله وفقاً لجدول زمني سريع.
تكنولوجيا «إم آر إن إيه»
يعتمد كلّ من لقاح كورونا «فايزر- بيونتيك» الذي بات معتمداً فـي الكثير من الدول ولقاح موديرنا الذي من المتوقع اعتماده قريباً على تكنولوجيا «إم آر إن إيه»، وهي تكنولوجيا جديدة طوّرها أوغور شاهين وأوزليم توريسي. هذه اللقاحات لم تصنع من فـيروس كورونا نفسه، ما يعني أنه لا يمكن لأي شخص أن يصاب به من الحقن. لكن اللقاح يحتوي على جزء من الشفرة الجينية التي تدرّب جهاز المناعة على إدراك البروتين المرتفع، الموجود على سطح الفـيروس.
فمن هما أوغور شاهين وأوزليم توريسي؟
تقف وراء تطوير هذا اللقاح، شركة «بيونتيك» الألمانية التي يملكها طبيب ألماني وزوجته ينحدران من أصل تركي وهما أوغور شاهين وأوزلام توريجي البالغان من العمر على التوالي 55 عاما و53 عاما.
شاهين وأوزلام هما مؤسسا شركة «بيونتيك» سنة 2008 بدعم مالي من مؤسسة بيل غيتس بقيمة 55 مليون دولار بعد تجربة سنوات اكتسباها مع مؤسستهما الأولى «غانيماد فارماسوتيكل» التي شهدت النور سنة 2001 وبيعت لشركة يابانية بمبلغ 1,5 مليار دولار سنة 2016.
وبينما كان الزوجان يبحثان منذ سنوات كيفـية تعزيز المناعة البشرية ضد السرطان عندما ظهر وباء كورونا المستجد نهاية العام الماضي، قرّرا فـي يناير 2020 تركيز اهتمامهما على هذا الفـيروس الفتاك فـي إطار شركتهما الجديدة «بيونتيك». وبعد أشهر من العمل المكثف، توصلا إلى تطوير اللقاح الذي أعلنته شركة «فايزر» وتنتظر الحصول على رخصة إنتاجه وتسويقه.
أوزلام ابنة طبيب تركي مهاجر إلى ألمانيا كرست هي الأخرى حياتها للعمل فـي المختبرات. وإذا كان الزوج وزوجته قد عملا لسنوات فـي مختبرات ومستشفـيات وجامعات ألمانيا من كولونيا إلى هامبورغ وغيرها من المؤسسات العلمية، فإنهما اليوم قد أصبحا ضمن الأغنياء الـ 100 الأوائل فـي ألمانيا بعد أن أصبحت قيمة شركتهما، التي يرأسها شاهين وتتولى أوزلام فـيها منصب كبيرة أطباء المؤسسة، تقدّر بـ21 مليار دولار.
«موديرنا»… اللقاح المنتظر
طوّرت شركة موديرنا، بالتعاون مع معاهد الصحة الوطنية الأميركية، لقاحاً يتكون من قطع صغيرة من الحمض النووي الريبي «mRNA» تحفّز جسم الإنسان على إنتاج البروتين الموجود على سطح فـيروس كورونا المستجد. فمن خلال حقن جزء من شفرة الفـيروس الجينية فـي الجسم، يبدأ اللقاح عندئذ بإنتاج بروتينات فـيروسية وليس الفـيروس بكامله، ويتعرف عليها الجهاز المناعي بعد ذلك، ليبدأ فـي إنتاج الأجسام المضادة كما لو كان الشخص مريضاً بالفعل.
وتجرى التجربة السريرية فـي الولايات المتحدة حصرًا على 300 ألف متطوع، من خلال إعطاء اللقاح التجريبي على جرعتين تفصل بينهما أربعة أسابيع. وذكّرت «موديرنا» بأنّ لقاحها يبدو فعالاً بنسبة 94,5 فـي المئة، وفقاً لبيانات أولية استندت لدراسة للشركة لا تزال جارية.
وتسعى الشركة لبيع لقاحها بما يتراوح بين 25 و37 دولارًا للجرعة الواحدة.
ويتميز لقاح موديرنا بحسب الشركة بكونه أسهل للاستخدام من ناحية التخزين والنقل، إذ إنه يبقى مستقراً بدرجة 20 مئوية تحت الصفر لمدة قد تستمر لعدة شهور، ويمكن حفظه فـي الثلاجات العادية لمدة شهر تقريباً.
مؤسس «موديرنا» لبناني
أوضحت تقارير إعلامية أميركية أن مؤسس الشركة نوبار عفـيان، هو من أصل لبناني هاجر قبل سنوات للولايات المتحدة. وبحسب مقال لمجلة «فوربس» فإن مراكز القيادة الرئيسية فـي «موديرنا» يتولاها أشخاص حطت بهم رياح الهجرة فـي الأراضي الأميركية، بما فـي ذلك رئيسها التنفـيذي.
أما الرئيس التنفـيذي لـ«موديرنا»، ستيفان بانسيل، فهو الآخر هاجر من فرنسا إلى الولايات المتحدة.
وبحسب «فوربس» فإن «موديرنا» التي تقدم إنجازات واعدة فـي ما يخصّ صحة الملايين من الأشخاص، كان يمكن ألا ترى النور لو تم رفض ولوج عفـيان إلى معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا. وقال عفـيان إن ما راقه أكثر داخل المعهد الأميركي المرموق كطالب أجنبي أن الجميع كان يُعامل بناء على الاستحقاق العلمي.
أربعة لقاحات صينية
تطوّر الصين أربعة لقاحات بما فـي ذلك سينوفارم، لكنها لم تنشر معلومات كافـية عن هذه اللقاحات مقارنة بشركات غربية أخرى. وفـي البيرو، تمّ تعليق التجارب السريرية للقاح سينوفارم بعد اكتشاف مشاكل عصبية لدى أحد المتطوعين. وحصلت الشركات الصينية الرائدة فـي مجال اللقاح سينوفاك وسينوفارم على طلبات مسبقة لأقل من 500 مليون جرعة بحلول منتصف نوفمبر، معظمها من البلدان التي شاركت فـي التجارب.
سينوفارم اللقاح الصيني المعتمد فـي الإمارات العربية
أعلنت الإمارات والبحرين، اللتان استضافتا المرحلة الثالثة من التجارب السريرية للقاح سينوفارم، تسجيل اللقاح رسميًا. وأكدت أبو ظبي أن النتائج الأولية أظهرت فعاليته بنسبة 86 فـي المئة. وكانت الإمارات قد أجازت فـي سبتمبر الماضي الاستخدام الطارئ للقاح لدى العاملين فـي المجال الصحي.
وقالت موظفة لدى دائرة الصحة فـي أبو ظبي عبر الهاتف، إنه بات بإمكان السكان حجز موعد عبر تطبيق لشركة أبو ظبي للخدمات الصحية «صحة» لأخذ اللقاح المجاني فـي عدة مراكز فـي العاصمة. وبحسب وسائل إعلام إماراتية، فإن اللقاح متوفر فـي 45 مركزًا صحيًا على الأقل من مستشفـيات وعيادات. وذكرت صحيفة «الإمارات اليوم» أن المراكز ستعمل من الثامنة صباحاً حتى الثامنة مساء. ويتكوّن لقاح سينوفارم من جرعتين بفارق 21 يومًا بينهما.
كورونافاك انتكاسة فـي آخر مراحل الاختبار
يُعتبر «كورونا فاك» من أبرز اللقاحات الصينية المبشّرة والتي تعقد الآمال على نجاحها. ويعتمد لقاح «كورونافاك” على تقنية تعطيل الفـيروس، والتي تعمل على قتل الفـيروس من خلال تعريضه للأشعة فوق البنفسجية أو المواد الكيميائية، ومن ثم إدخاله إلى جسم الإنسان، لتحفـيز الاستجابة المناعية.
ويتميز اللقاح بإمكانية تخزينه لفترة طويلة فـي درجات حرارة تتراوح بين 2 و8 درجات مئوية، الأمر الذي يجعله لا يتطلب شروط تبريد صعبة لنقله بخلاف لقاح «فايزر» الذي ينبغي تخزينه فـي درجة حرارة تتراوح بين ناقص 70 و80 سالب درجة مئوية.
المراحل النهائية للتجارب لم تستكمل بعد، الأمر الذي يطرح أسئلة حول ما نعرفه عن هذه اللقاحات وعن الفرق بينها وبين اللقاحات التي يجري تطويرها فـي بلدان أخرى.
تقف شركة سينوفاك للمستحضرات الدوائية الحيوية ومقرها بكين وراء لقاح كورونافاك.ويعمل اللقاح باستخدام جزيئات فـيروسية ميتة لتعريض النظام المناعي للجسم للفـيروس دون المخاطرة بحدوث رد فعل عنيف.
تُظهر ورقة بحثية نشرت فـي دورية «لانسيت»، نتائج التجارب السريرية للمرحلتين الأولى والثانية فـي الصين، والتي شملت أكثر من 700 مشارك، حسبما نقلت وكالة «رويترز».
وقال تشو فنغ تساي أحد مؤلفـي الورقة البحثية «تُظهر نتائجنا أن كورونافاك قادر على إحداث استجابة سريعة للأجسام المضادة فـي غضون أربعة أسابيع من التطعيم عن طريق إعطاء جرعتين من اللقاح بينهما 14 يوما».
وأضاف تشو فـي بيان نشر مع الورقة البحثية «نعتقد أن هذا يجعل اللقاح مناسبا للاستخدام الطارئ أثناء الوباء».
إلا أن هذا اللقاح شهد انتكاسة أخيراً إذ أعلنت السلطات الصحية فـي البرازيل أنّها علّقت التجارب السريرية على اللقاح الصيني ضد فـيروس كورونا المستجدّ ، بعد أن تعرّض أحد المتطوّعين لـ«حادث خطير» وقع فـي 29 أكتوبر. ولم توضح وكالة اليقظة الصحية (أنفـيزا) فـي بيان ماهيّة الحادث الخطير، لكنّها أعلنت أنّ هذا النوع من الحوادث يمكن أن يكون وفاة أو آثاراً جانبية قد تتسبّب بالوفاة، أو إعاقة شديدة، أو حالة تستدعي الاستشفاء، أو «حدثاً مهماً سريرياً».
كما أن السلطات لم توضح إن وقع «الحادث» فـي البرازيل أم فـي دولة أخرى أو السبب وراء إعلانه الآن. ويرى العلماء أن زيادة رقعة التجارب السريرية الثالثة لـ «سينوفاك» خطوة لها عواقب يمكن أن تكون وخيمة.
وتأتي هذه الانتكاسة للقاح «كورونافاك» الذي يطوّره مختبر «سينوفاك بايوتيك» الصيني فـي اليوم نفسه الذي أعلنت فـيه المجموعة الدوائية الأميركية العملاقة «فايزر» أنّ لقاحها التجريبي المضادّ لكورونا «أثبت فعالية بنسبة 90 فـي المئة» فـي الوقاية من مرض كوفـيد-19.
ووقفت المعايير الصحية المشدّدة فـي الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي ودول مثل أستراليا واليابان عائقاً أمام الموافقة على لقاحات صينية سابقة.
«سبوتنيك فـي»… تفاصيل غامضة
كانت روسيا أول دولة تعلن عن توصلها إلى لقاح مضاد لكورونا، ما قوبل بالتشكيك فـي الدول الغربية، لكن مجلة لانسيت الطبية أشارت فـي مقال خاص إلى أن اللقاح آمن، ويعتمد على تقنية الناقلات الفـيروسية بخلاف لقاحي «فايزر وموديرنا».
يمكن حفظه وتخزينه فـي الثلاجة العادية أو فـي درجة حرارة 18 تحت الصفر. ويحصل الفرد على جرعتين بفاصل ثلاثة أسابيع، حيث سيبلغ ثمن اللقاح فـي حدود 10 دولارات للحقنة الواحدة وسيتم توفـيره مجانا للمواطنين الروس. كما تهدف روسيا الى إنتاج أكثر من مليار جرعة منه خلال العام المقبل.
روسيا سمحت بتناول لقاح «سبوتنيك فـي» ضد كورونا وهو ما أثار شكوكاً دولية كبيرة بسبب قلة مدة التجارب عليه.
فـي البداية، لم تعلن موسكو عن نتائج لقاحها ولا عدد الأشخاص الخاضعين لتجربته خلال فترة التجارب السريرية، أو المرحلة الثالثة من التجارب على اللقاح، لكنها أعلنت فـي 11 نوفمبر، عن نسبة نجاح للقاحها تصل إلى 92 فـي المئة، ثم عادت فـي 24 نوفمبر، لتعلن أن فاعلية «سبوتنيك فـي» ارتفعت إلى 95 فـي المئة، مشيرة إلى أن النسبة الأولى تحقّقت فـي اليوم الـ 28 لإعطاء اللقاح، والثانية فـي اليوم الـ 42.
الهند فـي سباق لقاحات كورونا
تسعى شركة Bharat Biotech الهندية للحصول على موافقة طارئة للقاح كوفاكسين Covaxin لفـيروس كورونا. ووفقاً لما ذكره موقع TimeNowNews تقدّمت شركة بهارات للأدوية ومقرها حيدر أباد، بطلب إلى هيئة تنظيم الأدوية الرئيسية التي تسعى للحصول على تصريح استخدام طارئ للقاح كوفاكسين الخاص بفـيروس كورونا، حسبما ذكرت مصادر رسمية. ويتم تطوير كوفاكسين محليًا بواسطة شركة بهارات بالتعاون مع المجلس الهندي للبحوث الطبية (ICMR).
وقال الموقع: تجري الشركة التي يقع مقرها فـي حيدر أباد المرحلة الثالثة من التجارب السريرية للقاح فـي حوالي 25 مكانًا، بما فـي ذلك دلهي ومومباي وباتنا ولكناو.
وقالت الشركة أثناء التقدم للتجربة فـي المرحلة الثالثة، إن اللقاح كان جيد التحمل فـي جميع مجموعات الجرعات، ولم يتم الإبلاغ عن أي أحداث سلبية خطيرة، مضيفة أن أكثر الأحداث السلبية شيوعاً هو الألم العابر فـي موقع الحقن.
تم منح المراقب العام للأدوية فـي الهند (DCGI) فـي 23 أكتوبر، الإذن للشركة لإجراء المرحلة الثالثة من التجربة السريرية للقاح كوفاكسين Covaxin بعد بيانات تقييم السلامة والمناعة فـي المرحلة الأولى والثانية من التجارب.
«أسترازينيكا»… فعالية متفاوتة تطرح التساؤلات
يُعتبر هذا اللقاح المطور من أسترازينيكا وجامعة أوكسفورد مرشحاً واعدًا، فهو فعال جدًا وآمن وقوي، كما أنه لا يحتاج إلى تبريد مُكلف مثل اللقاحات الأخرى. لكن سمعة اللقاح تدهورت بسبب طريقة عرضه ووقوع خلل فـي الدراسة.
فاعلية اللقاح المعروضة بـ 70 فـي المئة هي ذات قيمة متوسطة من دراستين سريريتين مختلفتين. وشارك فـي المجموع فـي الدراستين 11,636 شخصاً، وهو عدد أقل بكثير من عدد المشاركين فـي دراسات الشركات المنافسة. حيث شارك فـي الدراسة من الفترة الثانية والثالثة فـي المملكة المتحدة 2,741 شخص. وهذه المجموعة حصلت أولاً على نصف جرعة اللقاح وبعد أربعة أسابيع تلقت مرة أخرى الجرعة بكاملها. ولدى هذه المجموعة وصلت الفاعلية إلى 90 فـي المئة، كما أعلنت الشركة.
وفـي الفترة الثانية من الدراسة شارك فـي البرازيل 8,895 شخصاً، وهنا حصل الأشخاص الخاضعون للتجربة على الجرعة بكاملها مرتين، لكن الفاعلية كانت هنا تصل «فقط» إلى 62 فـي المئة. وإذا ما جمعنا مستويات الفاعلية، فإننا نحصل على فاعلية بنسبة 70 فـي المئة وقد اعتبرها بعض المراقبين مخيبة للآمال.
اعترفت الشركة بأن الجرعة المختلفة، أي نصف الجرعة، حصلت بسبب عطل: فمن خلال خطأ فـي الإنتاج كانت أنابيب الاختبار الزجاجية الصغيرة للقاح ملآنة للنصف فقط، ولذلك حصلت مجموعة الدراسة فـي المملكة المتحدة أولا على جرعة منخفضة وبعدها بشهر على الجرعة الكاملة. وهذا خرق كبير ضد العمل العادي، لأن الباحثين فـي الدراسة يتوجب عليهم الالتزام بالبروتوكول الصادر فـي البداية.
ولكن لهذا اللقاح مزايا هامة أبرزها، أنه الأرخص بين اللقاحات الأخرى المنافسة، حيث سيباع ما بين 3 إلى 4 دولارات للحقنة الواحدة. كما تعد طريقة تخزينه أسهل من أجل التوزيع لسهولة التعامل معه فـي درجات حرارة أعلى.
حسب التقييم المؤقت لم يظهر لدى الأشخاص الخاضعين للتجربة عوارض جانبية كبيرة. وفـي سبتمبر، قامت أسترازينيكا فـي الفترة الثالثة من تجربة اللقاح بوقف العمل عليه لمدة سبعة أسابيع تقريبا بعدما ظهر لدى شخص حاصل على التطعيم فـي بريطانيا التهاب فـي النخاع الشوكي. لكن الأطباء توصلوا إلى أن الحادثة ليس لها علاقة واضحة بالتطعيم.
مبادرة كوفاكس : توزيع عادل للقاح
وقّعت 189دولة على مبادرة كوفاكس -المشتركة بين منظمة الصحة العالمة وتحالف اللقاحات غافـي والتحالف من أجل ابتكارات الاستعداد للأوبئة – والتي تهدف إلى شراء ما يكفـي من اللقاحات لتوفـير ملياري جرعة من اللقاح (أو اللقاحات المعتمدة) تكفـي لتحصين 20 فـي المئة من سكان البلدان المشاركة قبل نهاية العام المقبل.
وستعتمد الضفة الغربية وغزة والسودان وسورية ومصر وموريتانيا بشكل كلي أو جزئي على المبادرة.
لكن فـي ظل التسابق على الشراء من قبل الدول الأغنى، هناك شكوك بشأن إمكانية تحقيق ذلك خلال الأشهر المقبلة. «منظمة الصحة العالمية فـي نهاية المطاف هي هيئة استشارية بحتة وبالتالي قد لا تكون لديها القدرة على تنفـيذ تلك الوعود. فالدول عقدت بالفعل اتفاقات ثنائية للحصول على كميات كبيرة. مبادرة كوفاكس هي بالطبع أفضل من لا شيء ولكنها لم تمنع الدول من عقد اتفاقيات ثنائية مع الشركات المنتجة وبالتالي الدول الأغنى ستستحوذ على كميات كبيرة فـي وقت أبكر والدول الأفقر ستنتظر دورها فـي النهاية. على سبيل المثال التصريحات الحكومية فـي دولة مثل مصر تشير إلى بدء استلام الجرعات فـي إطار مبادرة كوفاكس فـي يونيو المقبل».
وقد أهدت الإمارات مصر 50 ألف جرعة تكفـي ل 25 ألف شخص.
وتُراجع منظمة الصحة العالمية حاليا لقاح فايزر بيونتيك الأميركي الألماني من أجل اعتماده – نظرا لإنهائه جميع المراحل واعتماده فـي بعض الدول، لكن اعتماد منظمة الصحة العالمية يظل غير إلزامي ولا يمنع سماح المنظمة لأي دولة من اعتماد اللقاحات مسبقا لكن اعتماد المنظمة قد يعجل من توزيع اللقاح عالمياً فـي إطار مبادرة كوفاكس.
وقال أحمد المنظري مدير منطقة إقليم شرق المتوسط فـي منظمة الصحة العالمية، إن هذه المنطقة تشارك بجميع بلدانها الـ 22 فـي «كوفاكس»، مشيرا إلى حصول 11 دولة على احتياجاتها بالشراء المباشر، وهي الإمارات والسعودية وإيران والعراق ولبنان والأردن وليبيا والبحرين وعمان وقطر والكويت. فـيما ستكون 11 دولة أخرى مؤهلة لتلقي المساعدة من أجل الحصول على حصة من اللقاح.
ولفت فـي تصريحات إعلامية، إلى أن لقاح فايزر يتطلب سلسلة تبريد بحرارة من 70 درجة مئوية تحت الصفر، «وهي غير متوفرة للأسف فـي كثير من البلاد العربية»، ما يتطلب بذل جهود كبيرة لمواجهة هذا التحدّي، فـي الوقت نفسه هناك لقاحات أخرى لا يمثل حفظها ونقلها تحديا كبيرا لمختلف الدول.
اللقاح لا يُنهي كورونا
على الرغم من الأصداء الإيجابية حول قرب التوصل الى لقاحات لمحاربة كورونا إلا أن مدير المكتب الإقليمي لغرب المحيط الهادئ التابع لمنظمة الصحة العالمية، حذّر من أن اللقاحات «لن توقف فـيروس كورونا فـي المستقبل القريب» و«ليست رصاصة فضية».
وعند سؤال CNN عن الموعد الذي يمكن للعالم أن يأمل فـيه العودة إلى حياته الطبيعية، قال كاساي إن «الإجابة على هذا السؤال تعتمد علينا جميعاً، وعلى الإجراءات الفردية التي نتخذها الآن وفـي المستقبل».
وبينما كانت أخبار الإعلان عن اللقاحات واعدة، إلا أنها «ليست رصاصة فضية، ولن تعني نهاية الوباء فـي المستقبل القريب»، على حد قول كاساي.
وقال إن العدد الأولي للقاحات سيكون محدوداً، ويجب إعطاء الأولوية للمجموعات العالية الخطورة.
وأضاف: «بالنسبة للأشخاص الآخرين، بخلاف تلك الفئات العالية الخطورة، قد نحتاج من 12 إلى 24 شهراً آخرين قبل تلقي غالبية الناس لقاحاتهم. وحتى ذلك الحين، هناك بعض الغموض وبعض الأمور المجهولة».
وتابع بالقول إنه يجب أن نتمسك بالأفعال والسلوكيات الفردية، التي لا تحمي أنفسنا فحسب، بل تحمي من حولنا أيضاً. فمن الهام غسل اليدين، وارتداء قناع الوجه، والحفاظ على التباعد الاجتماعي، وتجنب الأماكن التي تحمل خطورة عالية للإصابة.
وفـي المؤتمر الصحفـي، حذر كاساي من أن الوباء لن ينتهي إلا إذا ظل الجميع يقظاً.
وأوضح الدكتور باباتوندي أولووكوري، مدير الطوارئ الإقليمي لغرب المحيط الهادئ بمنظمة الصحة العالمية، أن اتجاه العدوى قد تحول من الأجيال الأكبر سناً إلى الفئة العمرية المتراوحة بين 20 إلى 29 عاماً، بسبب «زيادة التنقل» بعد تخفـيف القيود.