أسيل الحمد رائدة أعمال شغوفة بالسيارات. . . وسباقاتها
سيدة لافتة بلطفها وعزمها وطاقتها الإيجابية ونجاحها فـي ميادين مختلفة، هي مهندسة الديكور السعودية «أسيل الحمد»، المتعدّدة المواهب، فهي رسّامة ومهندسة ديكور وسيدة أعمال، لفتت الأنظار عام ٨١٠٢ فـي مجال غير تقليدي، وخاصة بالنسبة للسيدات، ألا وهو رياضة سباق السيارات.
تعتبر أسيل الحمد من نخبة سيدات الأعمال السعوديات اللواتي نجحن بإثبات كفاءتهنّ فـي مجال الأعمال واستطعن التميّز فـي الميادين التي تعتبر حكراً على الرجال.
تخرجت أسيل عام ٢٠٠٢بدرجة ممتاز فـي العلوم من «مدرسة نجد الأهلية» الراقية فـي مدينة الرياض؛ وهي تتكلم ٤ لغات: الإنكليزية والفرنسية والإيطالية، إضافة الى العربية لغتها الأم. وتابعت دراستها لتنال درجة البكالوريوس فـي التصميم الداخلي من جامعة الأمير سلطان عام ٩٠٠٢، كما أنها تابعت دورات دراسية خاصة بفن الديكور فـي جامعة لندن للفنون عامي ٣١٠٢ و ٤١٠٢. كل ذلك لم يرو شغفها بالعلم فدرست إدارة الأعمال وحازت على درجة الماجستير فـي إدارة الأعمال من جامعة الفـيصل عام ٩١٠٢؛ علماً أنها كانت قد أسست شركة تصميم تملكها وتديرها منذ عام 2009 بإسم «آي ديغري ديزاين».
أول سعودية تقود سيارة فورمولا وان
تهوى أسيل السيارات بشكل عام منذ صغرها، وتطوّر ذلك الى شغف برياضة سباق السيارات.
ولدت ونشأت فـي المملكة العربية السعودية، وكانت سبّاقة فـي شراء سيارة «فـيراري» الإيطالية، وراكمت خبرة كبيرة ومن سنين عديدة على الميادين والحلبات. فهي مثلاً كانت تقود السيارة فـي دبي التي تسميها مدينتها الثانية، كما أنها تحرص بصورة شبه سنوية على حضور منافسات جائزة «فورمولا وان» فـي أبو ظبي، ما يدفعها للإعتراف بفضل أبو ظبي فـي بلورة قدراتها. الى ذلك تابعت أسيل دورات تدريب فـي أسس القيادة، ولا سيما فـي «الوينفـيلد رايسينغ سكوول»، وشاركت من منطلق الهواية الشخصية فـي العديد من سباقات السيارات فـي الخارج.
فـي العام 2018، وتحديداً بتاريخ 24 يونيو، تمّت دعوتها بصورة رسمية من قبل فريق سباقات «رينو» «فورمولا وان» لقيادة السيارة التي كرّست عودة الشركة الى سباقات «الفورمولا واحد»، وأن تقوم بما يعرف بـ«اللفة الإحتفالية» بهذه المناسبة أكثر من مرة واحدة، كشكل من أشكال التمييز والتكريم.
فأصبحت المرأة السعودية الأولى التي تقود سيارة «فورمولا وان»، وحقّقت بذلك أحد أحلام طفولتها.
تجدر الإشارة الى أن سباق «الفورمولا وان» الذي ينظم بواسطة «الإتحاد الدولي للسيارات»، هو أعلى درجة من سباقات الفورمولا للسيارات الفائقة السرعة، ذات المقعد الفردي والعجلات المفتوحة.
وهكذا تسنّى لأسيل إستعراض قدراتها على حلبة «بول ريكار» فـي مدينة «لو كاستولي» جنوبي فرنسا، على متن سيارة «لوتس إي ٠٢»، وهي نفس السيارة التي حقّق السائق الفنلندي «كيمي رايكونن» الفوز على متنها فـي سباق «جائزة أبو ظبي الكبرى» عام ٢١٠٢. تمّ ذلك قبل ساعات من إنطلاق منافسات سباق «جائزة فرنسا الكبرى» فـي الجولة الثامنة من بطولة العالم لسباقات «الفورمولا وان». كما كشفت أسيل بأنه تمّ تدريبها وتأهيلها بشكل مكثّف خلف مقود السيارة على نوع القيادة فـي سباق «الفورمولا وان» لمدة أسبوعين قبل إنطلاقه. أعربت أسيل عن إفتخارها بهذه الدعوة، كونها الأولى التي توجّه الى إمرأة سعودية للمشاركة فـي الـ«فورمولا وان»، ما شكّل تجربة رائعة جداً بالنسبة لها. أضافت أن هذه المشاركة أعطت الفرصة للمرأة فـي العالم، وبالأخص للمرأة السعودية، لإثبات مهاراتها ومدى جدارتها فـي جميع المجالات، ومن ضمنها قيادة السيارات. وهي تأمل فـي أن تكون قد نجحت فـي إيصال هذه الرسالة.
أما عن شعورها إزاء هذه التجربة الاستثنائية فتؤكّد، أنها كانت متيقنة من الأساس الى حجم المسؤولية الملقاة على عاتقها إذ عليها
إثبات كفاءتها تجاه شركة «رينو» التي وثقت بها، وكذلك عليها أن تمثّل قدرات المرأة، والمرأة السعودية بالتحديد، علماً أن قيادة سيارات السباق بالذات، تتطلب الكثير من الشجاعة وقوة الإرادة، إذ أن السباق لا يخلو من الخطورة. يذكر فـي هذا المجال أن حوادث السنوات الماضية، فرضت إدخال حماية إجبارية إضافـية لقمرة السائق منذ عامين أسميت بالـ«هالو» تحيط بالرأس، وإرتداء قفازات إستشعارية خاصة، وتحديد أنواع الإطارات بدقة وعناية.
يكفـي التذكير هنا بأن سرعة سيارتها خلال السباق فاقت الـ ٠٠٢ كلم فـي الساعة؛ وبأن سرعة السيارات فـي سباقات «الفورمولا» تصل أحيانًا الى حدود الـ ٠٠٣ كلم فـي الساعة، ما يتطلّب الكثير من الوعي والمهارة والقدرة على التحكّم والسيطرة.
وقد قالت خلال إحدى المقابلات التلفزيونية، إن السيارة كانت قوية جداً، وبأنها شعرت كأنها تطير، و«كأنها رايحة على القمر».
وهنا تجدر الإشارة الى أن هذه الفرصة تزامنت مع قرار رفع الحظر على قيادة النساء للسيارات فـي شوارع المملكة. وهو قرار قالت عنه بأنه ساهم فـي تحسين نمط وجودة حياة السعوديات، وأعربت عن إعتزازها بمساهمتها فـي الإحتفالات التي رافقته.
وتقود جاغوار فـي السعودية
أشركتها شركة «جاغوار» السعودية عام ٨١٠٢ فـي الأنشطة التي قامت بها بمناسبة طرح فكرة تكريس الرابع والعشرين من يونيو من كل عام يوماً عالمياً للقيادة، إحتفاءً بقرار بدء النساء السعوديات ممارسة حق قيادة السيارات.
وقامت بهذه المناسبة بقيادة سيارة «جاغوار أف- تايب كوبيه»؛ وأصبحت أول إمرأة تقود سيارة على أرض المملكة، وتحديداً على «حلبة الريم الدولية فـي الرياض». لم تواجه صعوبات أو إنتقادات تذكر. على عكس ذلك، تلقّت العديد من الرسائل وإشارات الدعم والتشجيع والإشادة من الجمهور الخليجي والعربي الواسع، بإعتبارها أقدمت على تجربة مميزة، ورفعت رأس النساء السعوديات والعربيات والمرأة بشكل عام.
نجاح وتميّز
مما لا شك فـيه أن أسيل نجحت بإثبات نفسها بقوة فـي عالم الأعمال وخاصة فـي عالم السيارات إذ أصبحت فـي ديسمبر ٧١٠٢، الإمرأة الأولى التي يتمّ تعيينها كعضو فـي مجلس إدارة الإتحاد العربي السعودي للسيارات والدراجات النارية. وأعلنت عن إعتزازها بذلك، مشيرة الى أن دورها هو الدفاع عن صوت النساء السعوديات اللواتي تقمن بقيادة السيارات فـي المملكة ورفع شأنهن.
كما كانت أول إمرأة تعيّن فـي عضوية «اللجنة النسائية لقيادة السيارات»؛ كما أنها تمثّل المملكة فـي لجنة الخبراء لدى «الإتحاد الدولي للسيارات»؛ وهي تعمل كمدير قسم السيارات الرياضية فـي مجلة «روز أوتو» منذ العام ٨١٠٢، إضافة لعضويتها فـي لجان مختلفة، ومن بينها «لجنة عبد العزيز الراشد الحميد الخيرية» منذ ديسمبر ٩١٠٢.
وقد نالت الجائزة الوطنية لقيادة السيارات لشركة «ب. ر. آرابيا» فـي فبراير ٨١٠٢، تقديراً لجهودها فـي تعليم النساء السعوديات رياضة السيارات والقيادة بأمان؛ علماً بأنها تعتبر نفسها محامية ومدافعة عن قضية «تمكين النساء». وأحرزت العديد من الجوائز الأخرى، لا سيما فـي مسابقات الرسم والتصوير والتصميم، منها الجائزة الأولى لمسابقة الرسم الفني فـي الرياض عامي ٠٠٠٢ و ١٠٠٢.
تدعى لإلقاء العديد من المحاضرات، والمشاركة فـي ندوات ومؤتمرات حول التكنولوجيا ورياضة السيارات، وجودة الحياة، وتمكين المرأة.
تمّ تكريمها فـي سفارة إيطاليا فـي السعودية فـي فبراير ٨١٠٢، بصفتها السفـيرة السعودية للسيارات الرياضية الإيطالية، ولا سيما لتعاونها مع نادي سيارات «فـيراري».
مشاريعها المستقبلية
مع إستمرارها بالدفاع عن حقوق النساء السائقات فـي المملكة ورفع صوتهن، تقول أسيل إنها فـي المرحلة المقبلة ستركز جهودها من أجل رفع مستوى معايير القيادة فـي السباقات، وتعليم الفتيات باكراً من عمر ٨ الى18 سنة على أسس القيادة الصحيحة والآمنة، وفهم وإحترام إشارات وقواعد المرور، كما أنها تهدف فـي مرحلة تالية الى الترويج لسباقات السيارات، وإعداد متسابقات محترفات قادرات على الوصول الى العالمية. وهذا يعني على الصعيد العملي إنشاء أكاديمية للتدريب على تقنيات سباق السيارات والعمل مع مدربين دوليين لضمان تشجيع وتحضير السائقات فـي السعودية وتأهيلهن للمشاركة فـي منافسات دولية. . . . وهي تأمل بشكل عام، أن تتمكن من إقناع الجيل الصاعد بأنه ليس هناك من شيء مستحيل، وأن الأحلام المقرونة بالعزيمة كفـيلة بأن تجعل من كل شيء ممكن.
من جهة ثانية ستعمل على توثيق التعاون بين المعنيات والمعنيين فـي دول الخليج، ولا سيما مع حلبة «مرسى ياس» لتحقيق تنسيق أوثق، وزيارات متبادلة، وخدمة أفضل للقضية المشتركة التي يعملون من أجلها.
وستقوم بالبناء على ما سبق وأن تم إنجازه منذ عام ٨١٠٢، لتحقيق المزيد من الأنشطة مثل سباق الكارتينغ وهو من الأنشطة التي ستكون مستدامة على الأرجح، سباق بطولة رياضة الـ«كارتينغ» للسيدات، الذي تمّ تنظيمه خريف عام ٩١٠٢، وشاركت فـيه عشر سائقات سعوديات.
ومثل سباق «الفورمولا إي»: أي سباق البطولة الدولي الكبير للسيارات العاملة على الكهرباء(«فورمولا إي»)، تم تنظيمه إنطلاقاً من ميدان مدينة الدرعية شمال غربي الرياض، فـي ديسمبر ٨١٠٢، وللمرة الثانية فـي نوفمبر ٩١٠٢، ضمن جولة تقام فـي ٢١ مدينة فـي ٤ قارات حول العالم، ويختتم مبدئياً فـي لندن فـي يوليو ٠٢٠٢. شاركت فـيه أسيل بـ«لفة» على أرض الميدان؛ وهو نشاط يساهم فـي إدخال السعودية على الخارطة العالمية لرياضة الآليات بمحركات «موتور سبورتس».
ستعمل كذلك على تأمين إستقبال المزيد من ورش العمل فـي المملكة، كورشة الفورمولا وان؛ وربما إستضافة جديدة للأبطال العالميين لسباق السيارات الذين تمّ الترحيب بهم على أرض السعودية عام ٩١٠٢.
سيدات عربيات فـي عالم سباق السيارات
«أسيل الحمد» رائدة متميّزة فـي مجال تمكين المرأة وتشجيعها على الإقبال على الرياضة، وخاصة رياضة السيارات، التي كانت مقتصرة بصورة شبه مطلقة عالمياً على الرجال، إلاّ أنها ليست المحترفة الوحيدة فـي هذا المجال فـي دول الخليج العربي. ففـي المملكة يمكن أن نذكر بعض الأسماء الأخرى، من بينها السعوديات:
-ريما الجفالي، مواليد عام ٢٩٩١، حقّقت نجاحات على حلبة «مرسى ياس» فـي أبو ظبي فـي سباق فئة «الفورمولا فور»، ومثّلت السعودية فـي سباق بطولة فـي بريطانيا فـي إبريل ٩١٠٢، وشاركت للمرة الأولى فـي السباق الدولي الذي جرى على أرض السعودية فـي نوفمبر ٩١٠٢، ولا سيما سباق السيارات العاملة على الكهرباء؛
-أمجاد العمري، من مواليد ٦٩٩١، تمكّنت من إحراز لقب أول بطلة سباق «كارتينغ» للنساء فـي المملكة؛ و«لمياء الحسيل» التي تلتها فـي هذا السباق، وأسست فريقًا نسائيًا لسباق السيارات، وتسعى للعالمية فـي سباق الـ«كارتينغ»؛
-شيرين رفـيع، فازت بأول سباق نسائي للسيارات فـي المملكة، وهي متزوجة من بطل الراليات السعودي ومقدم برنامج «درايفـين» التلفزيوني المتخصّص فـي السيارت والسرعة«سلطان حمدي».
أما من دولة الإمارات العربية المتحدة، فقد برزت:
- الشابة آمنة القبيسي، مواليد ٨٢ مارس ٠٠٠٢ فـي واشنطن، نجحت فـي الوصول الى العالمية وهي فـي مطلع العمر. تعتبر أول إماراتية تمارس رياضة سباق السيارات، ولا سيما على أرض بلادها، وفـي المانيا وإيطاليا، وأبهرت العالم فـي المراحل الختامية لسباقات الفورمولا لعام ٩١٠٢، وفازت فـي السباق الأول لبطولة فورمولا ٤ الذي جرى فـي الإمارات.
والدها السائق الإماراتي المعروف خالد القبيسي، الذي مثل بلاده فـي سباق «لومان» الشهير فـي فرنسا، وتمكّن من إعتلاء المنابر.