شابة إستثنائية إنجازاتها تاريخية
دانية عقيل
أول امرأة تفوز بكأس العالم لراليات الباها الصحراوي
توّجت السائقة السعودية دانية عقيل بكأس العالم لراليات الباها الصحراوية لفئة «T3»، بعد احتلالها المركز الرابع فـي باها إيطاليا الجولة الثامنة قبل الأخيرة من البطولة. ونجحت السائقة السعودية التي تشارك لأول مرة فـي البطولة فـي مزاحمة 17 سائقًا عالميًا على صدارة الفئة، وحققت 103 نقاط فـي مشاركتها العالمية الأولى، متفوقة على عدد من الأسماء المميزة من روسيا وإسبانيا وفرنسا وهولندا وبريطانيا والبرتغال، واستطاعت تسجيل اسمها كأول امرأة سعودية وعربية وعالمية تفوز بكأس العالم لراليات الباها، وهي اليوم تستعد للمشاركة فـي رالي داكار العالمي الذي سيقام بداية شهر يناير من العام المقبل.
حقّقت السائقة دانية عقيل المركز الأول فـي كأس العالم للراليات الصحراوية فئة T3 فـي الجولة الثامنة وقبل الأخيرة من البطولة التي أقيمت فـي إيطاليا. وقد شاركت السائقة السعودية فـي السباق إلى جانب الملاح الفرنسي صاحب الخبرة الكبيرة لوران ليشلوشتر على متن «كان – آم مافريكس إكس3» مصنّفة ضمن فئة «تي3» للسيارات الخفـيفة، ونافست ضمن قائمة دولية تضم 18 فريقًا يتقدّمهم السعودي يزيد الراجحي ومواطنه ياسر بن سعيدان، إضافة إلى كل من الهولندي إيرك فان لون، التشيكي ميروسلاف زابليتال والكويتي مشاري الظفـيري الوجه المعتاد فـي بطولة الشرق الأوسط للراليات.
شغف بالسباقات والتحدّي
خطت دانيا عقيل الحاصلة على درجة الماجستير فـي الأعمال الدولية من بريطانيا، خطواتها الأولى فـي رياضة السيارات فـي عام 2019، خلف مقود دراجة نارية وشاركت فـي سباقات على حلبات فـي الإمارات والبحرين.
وكانت دانية ابنة الـ 33 عاماً قد حُرمت من المشاركة كمتسابقة فـي رالي داكار 2021، بسبب حادث تعرّضت له على حلبة البحرين الدولية نتج عنه كسر فـي منطقة الحوض وشعر فـي العمود الفقري، فإضطرت للتوقف عن مزاولة رياضة السيارات لبعض الوقت، علماً أنها واكبت رالي داكار 2021 عبر تقديمها لحفلي الافتتاح والختام، مؤكّدة أنها تضع نصب عينيها العام المقبل التخلي عن المذياع للجلوس خلف المقود فـي أصعب راليات الكروس كانتري.
إنجازات تاريخية سعودياً عربياً. . . وعالمياً
مع كل خطوة فـي رحلتها غير العادية، حطمت نجمة رياضة السيارات السعودية دانيا عقيل الأسقف الزجاجية، وتركت الصور النمطية فـي غبار عجلات سباقاتها. برزت دانية كأيقونة فـي رياضتها، وهي مصدر إلهام لملايين المعجبين.
ومما لا شكّ فـيه أن اسم دانية عقيل قد حفر فـي تاريخ الرياضة إن على الصعيد الوطني السعودي أم العربي أو حتى العالمي. فهذه النجمة المتحدّرة من بلد كان حتى سنوات قليلة ماضية يمنع قيادة النساء للسيارات، أصبحت ليس فقط أول امرأة سعودية تتأهّل للحصول على رخصة مسابقة دراجات السرعة وأول سعودية تشارك فـي رالي دولي، بل أول امرأة على الصعيد العربي والعالمي تفوز بكأس راليات الباها للسباقات الصحراوية، علماً أنها حقّقت إنجازها هذا فـي مشاركتها الأولى فـي هذه البطولة.
ونظراً إلى هذه الانجازات، أصبحت دانية أول شخص يتمّ تكريمه كجزء من مبادرة REDTAG Real Heroes التي تهدف الى تسليط الضوء على المواهب والقادة وصناّع التغيير فـي المملكة العربية السعودية، الذين حقّقوا أشياء غير عادية، وتغلّبوا على العقبات فـي طريقهم، لإلهام الجيل القادم من الشباب، وإثبات أن الاحتمالات غير محدودة، عندما يسعون وراء أهدافهم.
FREEFALL قصص مشوّقة
بالطبع تضم يوميات هذه البطلة الكثير من القصص الملهمة واللحظات المشوّقة، لذا قرّرت مشاركتها مع محبّيها من خلال طرح كتاب FREEFALL «السقوط الحر» وهو عبارة عن مجموعة من القصص القصيرة عن تجاربها الخاصة.
تبدأ فصول الكتاب برحلات دانيا والتي ستأخذ القارئ من المناظر الخلاّبة لجبال الهيمالايا إلى أقصى الحدود الشمالية لدائرة القطب الشمالي، قبل السفر جنوبًا لقضاء فترة قصيرة على شواطئ سريلانكا الهادئة.
ثم تتحوّل الفصول إلى الداخل، حيث تُخبر دانية عن أيامها الأولى فـي الدراسة وصولاً الى فـي بدايات حياتها المهنية، وهي تكشف عن الدروس التي تعلّمتها من كل مرحلة. ثم تدعو قراءها إلى عالم السباقات وتعرّفهم على الشعور بالسفر بسرعات عالية على عجلتين لدراجة خارقة. على الرغم من تعرضها لمخاطرها عند وقوع حادث على مضمار السباق وتروي دانيا رحلة شفائها.
أخيرًا، نصل إلى أدق أجزاء حكاية دانية من خلال التعرف على علاقتها بنفسها، وكيف تطوّرت على مدار تربيتها وحتى مرحلة البلوغ.
تنهي دانيا الكتاب بباب مفتوح لما قد يأتي، ما يسمح لهويتها أن تظل غير مقيدة، بانتظار الهدايا التي ستقدمها لها الحياة.
«كل سباق فـيه تحدّ فريد وكل واحد يتطلّب مني تطوير مهاراتي فـي القيادة»
لقاء ملهم ومميّز مع هذه الشابة الإستثنائية
فـي الوقت الذي تستمر فـيه دانية بالعمل بشغف وتكمل استعداداتها للاستحقاقات المقبلة، التي نأمل أن تكون على قدر التمنيات، كانت لنا مقابلة مميّزة مع هذه الشابة الإستثنائية التي تشجّع الفتيات وخاصة السعوديات، على اعتناق اي هواية يرغبن فـي ممارستها، لأن ذلك من شأنه تحسين حياتهن وتمكينهن من متابعة أحلامهن.
أخبرينا أكثر عنك، أين وكيف كانت نشأتك؟
نشأت فـي جدة فـي المملكة العربية السعودية، ثم تابعت دروسي فـي المملكة المتحدة البريطانية عندما كان عمري 14 عامًا، وعدت إلى السعودية عندما كان عمري 27 عامًا.
متى وكيف اكتشفت للمرة الأولى أنك تريدين خوض غمار سباقات الرالي؟
انتقلت إلى دبي للحصول على وظيفة عندما كنت فـي الثلاثين من عمري، هناك بدأت ممارسة رياضة ركوب الدراجات النارية وبدأت بارتياد مضمار السباق، وقد شاركت فـي سلسلة سباقات الدراجات النارية الوطنية. وبعد أن عدت إلى السعودية وجدت أن المملكة تستضيف راليات كأس العالم وتتمتع بمستوى عالٍ على صعيد بطولة الراليات الوطنية. وهنا أدركت أنني أمام فرصة للوصول إلى المسابقات العالمية والسباق مع الأفضل فـي العالم.
أخبرينا عن سباقك الأول وكيف تمكنت من إثبات وجودك فـي مضمار يسيطر عليه الرجال؟
شاركت لأول مرة فـي الشرقية باها فـي مارس 2021، وهي جولة من كأس العالم FiA Cross Country Bajas. وقد استأجرت T3 من متسابق سعودي، وقد تلقيت الكثير من النصائح والإرشادات من المتسابقين وكذلك الاتحاد السعودي للدراجات النارية. دخلت السباق وأُعجبت بشدة بالعناصر التي اجتمعت لانجاح مثل هذا الحدث. لقد استمتعت بمقابلة أشخاص من مختلف أنحاء العالم، وكان شغفـي لتخطّي التضاريس الصعبة عبر الصحراء يدفعني لإكمال المغامرة. لقد تعلمت الكثير من الكثبان الرملية وتطوّرت تقنيات القيادة الخاصة بي بلا شك على مدار أيام التعليم الثلاثة. لقد كانت تجربة رائعة دفعتني إلى متابعة المزيد من جولات كأس العالم.
ما هي أبرز الصعوبات التي واجهتك عندما خضت المنافسات فـي هذا المجال؟
لكل سباق شاركت فـيه تحدّ فريد، لكن كل واحد منها يتطلب مني تطوير مهاراتي فـي القيادة لأتطوّر إلى سائقة أكثر قدرة. على سبيل المثال، وجدت نفسي فـي المملكة العربية السعودية والأردن أتحدى الكثبان الرملية وتعلّمت كيفـية قراءة لغتهم. عندما سافرت إلى أوروبا واجهت عقبات مختلفة، ففـي سباق المجر كان عليّ التركيز على صحة السيارة، حيث كانت التضاريس صخرية للغاية وفـيها العديد من المنحدرات والانحدارات التي يمكن أن تلحق الضرر بالسيارة بسهولة. أما عندما كنت أتسابق فـي بولندا، فواجهت تحدّي المطر الذي خلق مسارًا موحلًا للغاية، ما دفعني للتركيز على تحسين دقتي مع الحفاظ على توازن السيارة. خلال سباق باها الإيطالي واجهنا سباقًا ليليًا وضبابًا، لذا كانت الرؤية ضعيفة للغاية، بالإضافة إلى ضرورة تعلم كيفـية الحفاظ على قبضة قوية أثناء انزلاق السيارة على سطح الحصى. لقد استمتعت بكل تجربة وأتطلع إلى سباقات أكثر تنوعًا.
ما النصيحة التي توجهينها للسيدات اللواتي يطمحن إلى دخول عالم السباقات؟
أنصحهنّ بالنمو والتطوّر كسائقات بطريقة آمنة ومريحة. عندما أواجه تحدّيًا، لا أقود بنفسي للتغلّب عليه إلاّ إذا شعرت أنني فـي السيطرة الكاملة على السيارة. يجب التعامل مع كل عقبة بأمان، لا يوجد سبب للاستعجال فـي الدروس، لأن ذلك قد يتسبّب فـي حدوث أخطاء. تقدّمن دائمًا بالسرعة التي تشعركنّ براحة أكبر، ومهما حصل يجب الاستمرار فـي التحرك.
ما هو سرّ نجاحك؟
فـي كل لحظة أحاول اتخاذ أفضل الخيارات للتقدم فـي حياتي. قد تكون لدي فكرة عامة عن وجهتي، لكن اللحظات الصغيرة، والاختيارات اليومية هي التي تؤدّي إلى نتيجة إيجابية فـي وقت لاحق، وتساهم فـي صورة أكبر وأكثر شمولاً. كل عمل يساهم فـي النتيجة.
ما الهدف الذي تطمحين إلى تحقيقه خلال مسيرتك المهنية؟
أنا أبحث دئماً عن الاحتمالات والفرص الجديدة. نحن نعيش فـي زمن التغيير الكبير، ولا أفترض أنني أعرف ما قد يأتي. أنا ممتنة لكوني أعيش فـي مثل هذا الوقت وأتطلع إلى اكتشاف مغامرات جديدة.
ما هو السباق الذي كان أكثر مكافأة بالنسبة لك حتى الآن، ولماذا؟
كل سباق له مكافأته الخاصة لأن كل سباق هو تحدّ فريد. كلّ سباق شاركت فـيه ساهم فـي تطوّري كسائقة وإنسانة، وأنا ممتنة لكل فرصة أتيحت لي لتحدي نفسي ومشاهدة نفسي أتغير.
من هو مصدر إلهامك؟
لقد ألهمني العديد من الأشخاص الذين قابلتهم والذين قدّموا لي إرشادات لا تقدّر بثمن وتوجيهات طيبة على طريقتهم الخاصة. أنا معجبة بالصفات ولا أتطلع نحو شخص واحد للاقتداء به، بل أميّز الصفات الجيدة عند كل شخص وأحترمها، أجد أن كل شخص أواجهه لديه شيء ليعلمني إياه، وأنا محظوظة لتلقي مثل هذه الهدايا.
ما هي لحظات السباق المفضلة لديك؟
أستمتع بالعديد من جوانب عالم السباقات، فأنا أحب الشعور بالرضى الفردي الذي أكسبه من التغلّب على تحديات السباق، كما استمتع بالتشجيع الذي ألقاه من المجتمع الذي يقف وراء السباق. أنا أستمتع بالعمل مع الآخرين ولقاء الناس، وأتلقى الكثير من هذا من حديقة الخدمات، حيث ألتقي بالفرق والمنظّمين وكذلك المنظّمين الذين يجعلون الأحداث ممكنة.
أخبرينا المزيد عن مبادرة «Real Hero» من REDTAG، ولماذا قرّرت التعاون مع هذه العلامة التجارية؟
تشرفت بأن يُطلب مني تمثيل فكرة أن كل شخص لديه خيار لفعل ما يشعر أنه مدعو له فـي الحياة. إذا أشعل شيء ما شغفًا فـيك وكان يخدم هدفًا إيجابيًا لنفسك وللآخرين، أعتقد أنه يجب متابعته وتحقيقه. شجعني اعتراف Red Tag بهذه الفلسفة على دعم المبادرة، وأتمنى لجميع الأرواح الشابة حياة مُرضية مدفوعة بالشغف.
