نجوم تأفل ومجرّات تتراقص…
صور مذهلة للفضاء تعيد تشكيل فهمنا للكون
انطلق «عصر جديد في علم الفلك» حسب تصريحات علماء وكالة الفضاء الأميركية ناسا الذين فاجأوا العالم منذ أيام قليلة بنشر صور مذهلة تشكّل «أعمق رؤية للأشعة تحت الحمراء للكون» تمّ التقاطها على الإطلاق، التقطها تلسكوب جيمس ويب الفضائي.
اختارت ناسا الكشف عن الدفعة الأولى من الصور الكاملة الألوان والعالية الدقة، والتي تعتبر نتيجة عمل أسابيع على بيانات التلسكوب الخام، لتقديم صور مبكرة مقنعة من مجالات بحث تلسكوب جيمس ويب الرئيسة ومعاينة المهام العلمية المقبلة.
وقد أوضح بيل نيلسون، مدير ناسا، أن «كل صورة من هذه الصور هي اكتشاف جديد وكل واحدة ستمنح البشرية وجهة نظر لم نرها من قبل»، مشيرًا إلى صور تظهر «تشكل النجوم بينما تلتهم الثقوب السوداء».
وقد تمّ نشر أول صورة من تلسكوب جيمس ويب الفضائي الذي تبلغ قيمته 10 مليارات دولار في البيت الأبيض يوم الاثنين 11 يوليو وهي عبارة عن خليط من المجرات البعيدة التي تعمّقت في الكون أكثر مما رأته البشرية من قبل.
أما الصور الأربع الإضافية، التي تمّ إصدارها يوم الثلاثاء 12 يوليو، فتظهر المزيد من لقطات الجمال الكوني. وقال بيل نيلسون، مدير ناسا: «إن استخدام ويب لطيف الأشعة تحت الحمراء يسمح للتلسكوب برؤية الغبار الكوني و«رؤية الضوء البعيد من زوايا الكون».
وقال جوزيف أشباخر، المدير العام لوكالة الفضاء الأوروبية: «لقد غيرنا حقًا فهم الكون».
أظهرت صورة «المجال العميق» التي تمّ نشرها خلال حدث قصير في البيت الأبيض بحضور الرئيس الأميركي جو بايدن مزيجاً من المجرات البعيدة، وهي تشكّل النظرة الأكثر تعمّقاً للكون في تاريخ البشرية.
تمتلئ صورة «المجال العميق» بالكثير من النجوم، مع مجرات هائلة في المقدمة ومجرات باهتة وبعيدة للغاية تطل من هنا وهناك.
وقال عالم الفلك ديميتار ساسيلوف لوكالة أسوشييتد برس للأنباء بعد الكشف عن ذلك: «ما رأيناه اليوم هو الكون المبكر».
وتوضح الصورة المدهشة أجزاء من الكون لم يرها الإنسان من قبل، وتُظهر 5 مجرات منها 4 تتفاعل أو تتصادم معًا.. وكأنها تتراقص.
وقالت ناسا في بيانها إن هذه الصورة تغطي أكبر مساحة مرصودة في تاريخ علوم الفضاء، لمنطقة تسمى Stephan’s Quintet.
أظهرت إحدى الصور التي تمّ إصدارها صباح سحابة من الغبار وأشعة من الضوء تحيط بنجم محتضر يعرف باسم سديم الحلقة الجنوبية، والذي يقع على بعد حوالي 2500 سنة ضوئية من الأرض، بينما قدّمت صورة أخرى لمحة عن مجموعة مجرات تسمى ستيفان الخماسية. قالت الوكالة عن صورة سديم الحلقة الجنوبية: «كان النجم الخافت في وسط هذا المشهد يرسل حلقات من الغاز والغبار لآلاف السنين في جميع الاتجاهات»، مضيفة أن ويب «كشف لأول مرة أن هذا النجم مغطى بالغبار».
وقالت ناسا: «تفاصيل جديدة مثل هذه، من المراحل المتأخرة من حياة النجم، ستساعدنا على فهم أفضل لكيفية تطور النجوم وتحويل بيئاتها».
كذلك كشفت إحدى الصور عن منظر طبيعي للجبال والوديان مليء بالنجوم المتلألئة في ما يعرف بسديم كارينا، والذي يقع على بعد حوالي سبع سنوات ضوئية.
كما كشفت صورة أخرى التوقيع المميّز للمياه، جنبًا إلى جنب مع الأدلة على السحب والضباب، في الغلاف الجوي المحيط بكوكب عملاق غازي ساخن منتفخ يدور حول نجم بعيد يشبه الشمس».
جيمس ويب التليسكوب الأقوى
يعتبر تليسكوب جيمس ويب حصيلة عمل مشترك بين كلّ من وكالات الفضاء الأوروبية والكندية ووكالة الفضاء الأميركية ناسا. وقد انطلق من الساحل الشمالي الشرقي لأميركا الجنوبية في 25 ديسمبر 2021، ليصل إلى وجهته النهائية على بعد 1.6 مليون كيلومتر (مليون ميل) من الأرض بعد أقل من شهر.
وقالت عالمة الفيزياء الفلكية جين ريجبي خلال بث مباشر لوكالة ناسا: «الشيء المدهش في ويب هو السرعة التي يمكننا فيها إنتاج الاكتشافات». «سنقوم باكتشافات مثل هذه كل أسبوع».
وتمّ تصميم مرصد ويب الذي تبلغ تكلفته 9.7 مليارات دولار للتجول عبر الكون وصولاً إلى فجر الكون المعروف، ما يبشّر بعصر ثوري من الاكتشافات الفلكية.
صُمم Webb لعرض موضوعاته بشكل رئيسي في طيف الأشعة تحت الحمراء، وهو أكثر حساسية بحوالي 100 مرة من سلفه البالغ من العمر 30 عامًا، تلسكوب هابل الفضائي، والذي يعمل بشكل أساسي في الأطوال الموجية البصرية والأشعة فوق البنفسجية.
ويتميّز هذا التلسكوب بسطحه الأكبر بكثير الذي يجمع الضوء لمرآة ويب الأساسية – وهو مؤلف من مجموعة من 18 قطعة سداسية من معدن البريليوم المطلي بالذهب – تمكّنه من مراقبة الأشياء على مسافات أكبر، من هابل أو أي تلسكوب آخر.