السعودية فـي مهرجان «كان» مستقبل سينمائي واعد
صحيح أن السعودية لم تدخل عالم الإنتاج السينمائي إلاّ حديثاً، غير أنها عازمة على التميّز فـي هذا المجال، الأمر الذي بدا واضحاً فـي الجناح الخاص بالمملكة خلال النسخة الرابعة والسبعين من مهرجان «كان»، حيث أعلن مركز الملك عبد العزيز الثقافـي العالمي (إثراء) عن إنتاج فـيلمين جديدين ضمن سياسته فـي تشجيع صناعة السينما فـي المملكة خلال السنوات المقبلة. وسيساهم كاتب السيناريو والمنتج المصري الشهير محمد حفظي الحائز أيضًا وسام الشرف فـي الآداب والفنون من الجمهورية الفرنسية فـي إنتاج أولهما وهو فـيلم «بحر الرمال». كما سيقدّم المخرج السعودي، والحائز العديد من الجوائز خالد فهد الفـيلم الثاني بعنوان «طريق الوادي».
يهدف مركز إثراء من خلال مشاركته فـي الإنتاج إلى تعزيز دور صناعة الأفلام والصناعات الإبداعية فـي المملكة العربية السعودية فـي إطار برنامج «رؤية 2030» الذي أطلقه ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، والذي يطمح إلى تغيير وجه السعودية وتحديث العديد من البنى الاقتصادية والثقافـية والاجتماعية فـي البلاد.
وعن سبب اختيار مهرجان «كان» لإطلاق هذا الإنتاج الضخم الذي من المقرّر أن يرى النور فـي عام 2023، قال ماجد زهير سمان رئيس قسم السينما فـي مركز إثراء: «يشرّفنا الإعلان عن الأفلام التي يعمل عليها المركز من مهرجان كان السينمائي، الذي يعد أحد أشهر مهرجانات الأفلام فـي العالم».
وبالحديث معه عن الأهداف التي يبتغي المركز تحقيقها والوصول إليها بمشاركته فـي تمويل إنتاج وصناعة الفـيلم السعودي، وهل لهذا علاقة بتطوير قطاع السياحة فـي السعودية قال لفرانس24: إن شغل المركز الشاغل هو تشجيع الإبداع الفني وإنتاج أفلام ذات جودة عالية بأيدي سعودية وعلى أرض ومواقع سعودية تنافس فـي كبرى المحافل الدولية، فإن كانت هذه الأفلام سببًا فـي جذب السياح لبلادنا فذلك سيكون أمرًا بلا شك عظيمًا، ونحن لنا تجربة فـي هذا المجال وأقصد فـيلم «جود» الذي أنتجناه عام 2018 ويظهر جمال الطبيعة فـي السعودية ويتمحور حول انعكاسات تأملية غير تقليدية لدورة الحياة. وهو أول فـيلم أنتجه مركز «إثراء» ويستخدم بنيةً تجريبية سردية مأخوذة من شكل القصيدة فـي عصور ما قبل الإسلام.
لكن والحق يقال، ليس تلك هي أولويتنا فـي المقام الأول. ومن أجل ذلك قرّرنا الاستعانة بخبرات المنتج المصري الكبير محمد حفظي لتحقيق مقصد ورؤية «إثراء» فـي تطوير الجوانب الإبداعية والجمالية والتعليمية فـي قطاع السينما. فنحن نريد إنشاء منصة تجد فـيها المواهب السعودية سندًا لتحقيق أحلامها، وهو ما حدث قدر كبير منه فـي الأفلام العشرين التي أنتجناها فـي السنوات الثلاث الماضية ولمعت بفضلها أسماء جديدة مثل المخرج عبد العزيز الشلاحي.
وبسؤاله عن المعوقات أو الصعوبات التي قد يلاقونها فـي قطاع الإنتاج السينمائي، رد ماجد سمان بقوله إنه لا توجد معوقات من أي نوع فـي هذه المجال، فوزارة الثقافة السعودية ووزيرها الأمير بدر بن عبد العزيز تقدم كل مساعدة ممكنة من أجل تسهيل التصاريح اللازمة للإنتاج وتوفـير مساحات أكبر للإبداع وإتاحة التمويل اللازم للنهوض بقطاع السينما.
ولكن هل سيمثل هذان الفـيلمان إضافة جديدة إلى السينما العربية والسينما السعودية الناشئة؟ يقول محمد حفظي بأن ميزانية الفـيلمين كبيرة جدًا وهو ما سيؤدّي دورًا حاسمًا فـي الارتقاء بكافة العناصر الفنية السينمائية فـيهما وسيجعلهما بالتالي قادرين على المنافسة على المستوى العالمي، فهما يناقشان المجتمع السعودي بجوانبه المختلفة وقضاياه الإنسانية ويشارك فـيهما ممثلون سعوديون موهبون وهذا بلا شك يمثّل إضافة جيدة للسينما العربية ككل وللسينما السعودية وأتمنى أن يستقبلهما الجمهور استقبالاً جيدًا وأن يحققا المعادلة الصعبة المتمثلة فـي النجاح عربياً وعالمياً، فنحن نريد توسيع سوق الفـيلم العربي فـي العالم ومن أجل ذلك حضرنا إلى مهرجان كان السينمائي لإطلاع العالم على ما نفعله وعلى مشاريعنا المستقبلية حتى نجد لنا مكانًا بين كبار صناع الأفلام فـي العالم وتكون أفلامنا عابرة للحدود.
… نجوم السعودية على السجادة الحمراء
لم يقتصر حضور المملكة فـي المهرجان على الجناح الخاص بها حيث عرضت رؤيتها بل لفتت الأنظار كذلك من خلال تألّق أبرز نجومها على السجادة الحمراء. فما رأيكم بالتعرّف أكثر على نجوم سعوديين أثبتوا وجودهم فـي المهرجان العالمي.
سارة طيبة :فنانة متكاملة
سارة طيبة هي فنانة وكاتبة وممثلة سعودية حاصلة على ماجستير فـي الفنون الجميلة من أكاديمية الفنون فـي جامعة سان فرانسيسكو وقد عملت فترة فـي أوروبا قبل أن تعود للمشاركة فـي النهضة الفنية فـي بلدها.
عادت سارة إلى المملكة العربية السعودية لتبدأ حياتها المهنية فـي الرسوم التوضيحية لكتب الأطفال – وهي فـي نظرها صناعة تفتقر إليها المنطقة. كان ذلك نقطة البداية فـي حياتها المهنية الحافلة بالإنجازات.
أعمالها تعكس صورة واضحة لدور المرأة السعودية المتعدّدة المواهب، وهي تتميّز بقدرتها على نقل أفكارها الخاصه الى تصاميم ملموسة تشاركها مع المجتمع بكل ثقه وذلك كله عن طريق اتقان استخدام فنون الطباعة والشعر والأداء.
سارة طيبة مؤيدة لاندفاع الفنان وراء كل ما يلهمه. فهي تهوى دمج مختلف اهتماماتها من رسم وكتابة وموسيقى وتمثيل. وُلدت فـي جدة 1989 وعاشت طوال عمرها فـي جدة إلى أن ذهبت للحصول على الماجستير فـي الرسوم الحرة وفن الطباعة من أكاديمية الفنون فـي سان فرانسيسكو. فـي عام 2015 أسست ستوديو «رسمة وكلمة» للرسوم والتصاميم. بعد ذلك فـي 2016 حصلت على إقامة فنية فـي «ميتافورا» فـي برشلونة و«تاكت» فـي برلين حيث بدأت فـي العمل على مشروعها «مرسال». تتميّز أعمال سارة بالشفافـية والغموض فـي آن واحد ويرجع ذلك لاستخدامها تجاربها الشخصية بكل تناقضاتها كمصدر أساسي.
أبرز إنجازاتها
- متحدثة فـي تدكس الحمرا، جدّه 2017
- مؤسسة ستوديو «رسمة وكلمة» للرسوم والتصاميم
- صاحبة مشروع «مرسال»، رسائل غير مرسلة من قلوب مكسورة. كُتبت هذه الرسائل ولم يستقبلها الشخص المقصود، فتحوّلت إلى رسومات، فالمشاعر تتحرّر إذا كُتبت أو رُسمت. كل رسمة تشرح حالة الرسالة ويظل الهدف المشترك بين جميع الرسائل هو تطبيب القلب والرغبة فـي المضي قدمًا.
- شخصية رئيسية فـي أول فـيلم روائي سعودي «رولم» تمّ عرضه فـي دور العرض فـي جدّة فـي 2019.
- شاركت مهند نصار فـي ألبوم موسيقى إلكترونية وشعر عربي قامت هي بكتابته.
- فـي 2020 شاركت فـي مسلسل نمرة 2.
- فـي 2021 تحضّر فـيلماً تسجيلياً بعنوان
«Deliverance: A women revolt».
ميلا الزهراني :إسم واعد
خطفت النجمة السعودية ميلا الزهراني الأنظار بإطلالتها الأنيقة والمفعمة بالأنوثة خلال مهرجان «كان» السينمائي.
ولدت ميلا الزهراني فـي 22 أبريل 1997 وهي ممثلة وعارضة أزياء سعودية شاركت فـي الكثير من الأعمال الفنية السعودية، أبرزها مسلسل شير شات ومسلسل بنات الملاكمة.
بدأت مسيرتها فـي عالم التمثيل فـي مسلسل جنوح عام 2017 تبعه مسلسلا «بشر» و«شير شات» فـي 2018 أما عام 2019 فقد كان حافلاً مع 5 مسلسلات هي: «بنات ملاكمة»، «أيام العسل»، «استديو المشاهير»، «العاصوف» و«عناقيد- انتقام سري» كذلك قدّمت 5 أعمال تلفزيونية فـي 2020 هي: «بيوتي كلينيك»، «بخور القصائد»، «مليار ريال»، «ضحايا حلال» وبنات ملاكمة» بجزئه الثاني.
أما فـي عام 2021 فاختصر نشاطها بمسلسل «عندما يكتمل القمر» الجزء الثاني.
هذا فـي التلفزيون أما فـي السينما فقد شاركت ميلا عام 2018 بفـيلم «فود تراك» كما مثّلت عام 2020 فـي فـيلم «المرشحة المثالية».
راكان عبدالواحد: ممثل السعودية فـي «كان»
بعد أن اختارته فعاليات مهرجان البحر الأحمر السينمائي لتمثيل السعودية فـي مهرجان «كان» العالمي لفت راكان عبد الواحد الأنظار بإطلالته العصرية على السجادة الحمراء، إذ حرص على ارتداء بدلة سوداء أنيقة وبالطبع تميّز بشعره الطويل وأسلوبه المميز.
راكان هو ممثل ومغني سعودي اشتهر فـي أداء دور الملك فـيصل بن عبد العزيز فـي فـيلم «ولد ملكاً» الذي حصد عدة جوائز عالمية وهو يستعد لعدة أعمال ضخمة ستبصر النور قريباً.
لعب عبد الواحد دور الملك عبد العزيز آل سعود فـي فـيلم «ولد ملكاً» وهو فـيلم تاريخي يتحدّث عن زيارة الملك فـيصل بن عبد العزيز الى المملكة المتحدة فـي 11 أغسطس 1919.
وعن تجربته فـي فـيلم ولد ملكاً قال راكان إنه عندما طُلب منه أداء شخصية الملك عبدالعزيز تخيل أن يطلب منه صُنّاع الفـيلم قصّ شعره الأمر الذي كان سيشكّل مشكلة كبيرة بالنسبة له، لكنه اكتشف أن الشخصية التي سيُقدمها تتطلّب منه إخفاء شعره وارتداء غطرة وعقال لتغطيته، موضحًا أن هذا أول عمل سينمائي يُقدمه. وبيّن أنه يُربي شعره منذ عام 2006، بعدما اتخذ قرارًا بعدم الذهاب إلى صالون الحلاقة يوم 6/6/2006، ومنذ ذلك الحين وهو يربي شعره وله «ستايل» خاص به، ولديه كوافـير فـي المنزل للعناية به.
وقد شارك راكان كذلك فـي عدّة أفلام قصيرة مثل «جابر» و«صديقي إبليس» الذي ساهم فـي كتابته أيضاً.
يذكر أن راكان مقيم فـي الولايات المتحدة الأميركية من مواليد العام 1987 وهو حاصل على ماجستير فـي إدارة المشاريع الهندسية وماجستير فـي إدارة سلسلة التوريد بالإضافة الى بكالوريوس فـي الهندسة الصناعية من جامعة «نورث إيسترن».
«ولد ملكاً» السعودية تروي تاريخها
يحكي فـيلم «ولد ملكاً» منذ بداياته، بطولات آل سعود، ويظهر عبدالعزيز آل سعود، على غرار أمراء حرب تلك المراحل، قاسياً محارباً، قلما يبتسم، وفوق كل هذا راغباً فـي المزيد من التوسّع لمملكته الصغيرة.
إخراجياً؛ يبدو أن الفـيلم إستفاد كثيراً من السينما البريطانية، فهو يتشابه مع الأفلام البريطانية علمًا أن المخرج إسباني، إلاّ أن طبيعة حركة الكاميرا، وكادرات التصوير تذكّر كثيراً بالسينما البريطانية أكثر من غيرها. يظهر الديكور الجميل، المرتبط بتلك الحقبة، فضلاً عن الاهتمام البالغ بما ارتداه الأمير الصغير آنذاك، فتبدو ثيابه نسخةً تامة عما ارتداه الأمير الحقيقي؛ حسبما تظهر بعض الفـيديوهات القليلة والصور عن تلك الزيارة.
محمد التركي: نجم سعودي فـي فضاء هوليوود
لا يكتمل المشهد السعودي السينمائي إلاّ بوجود المنتج محمد التركي رئيس لجنة مهرجان البحر الأحمر السينمائي، الذي كان حاضراً فـي هذه النسخة من مهرجان «كان» وظهر متألّقاً بإطلالة كلاسيكية مفعمة بالأناقة.
محمد التركي منتج سعودي قام بإنتاج أفلام كثيرة فـي هوليوود، أنتج حتى الآن سبعة أفلام خلال أقل من سنتين وبمشاركة كبار نجوم السينما فـي أميركا وأوروبا.
بدأ مشواره فـي عالم السينما عام 2010 بالفـيلم المستقل The Imperialists Are Still Alive الذي أنتجه للمخرجة البريطانية زينا دورا والذي حاز على تقدير عالٍ فـي مهرجان صاندانس كما حقّق الجائزة الأولى فـي مهرجان وارسو السينمائي. جاء هذا النجاح ليعلن عن ميلاد نجم سعودي فـي فضاء هوليوود ورغم أن الفـيلم حمل إشارات عن القضية الفلسطينية إلاّ أن ذلك لم يقف حائلاً بينه وبين الاقتراب من أقوى الدوائر المتحكمة فـي سياسة هوليوود ويمكن القول إنه أصبح من أعضاء نادي النخبة فـي عاصمة السينما الأميركية حيث تربطه علاقات مميزة بأكبر منتجي ونجوم هوليوود.